لقد آمنَّا إيمانًا لا جدال فيه أنه ليس هناك إلا هذه الفكرة التي تنقذ البشرية من هذا الدمار، ألا وهو الإسلام الحنيف، ولقد أوضح الإسلام الأساليب التربوية التي تتناسب مع الفرد، ومع الأسرة والمجتمع، ولنعلم أن القاعدة الأساسية لبناء الأمم هي إعداد الفرد، فإذا أحسنَّا تربية الأفراد كانت هذه بداية صحيحة لبناء المجتمع.
وبإعداد الفرد الإعداد جيدًا يكون الأب القدوة والأم القدوة، لأن الفرد المسلم القدوة هو الذي يقيم البيت المسلم القدوة، والبيت المسلم القدوة هو الذي يقدم الأفراد المسلمين القدوة، وهكذا يتم توريث الأصالة الإسلامية للأجيال.
وحتى تتحقق القدوة كان علينا أن نتعرض لوسائل بناء الفرد -الذي هو الأب والأم- ووسائل بناء الأسرة التي هي المناخ، والمحضن التربوي الذي ينشأ فيه الأبناء.
نعم إننا نريد أن نربي أنفسنا ليكون منّا الأخ المسلم، والأخت المسلمة في تفكيرها، وعقيدتها، وحركتها، ونربي أنفسنا ليكون البيت المسلم، فالمجتمع المسلم، ولقد أوضح لنا الإسلام الأساليب التربوية التي تناسب الفرد، والأسرة، والمجتمع، وبهذه المراحل إستطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون الجماعة الأولى، ومن هنا كانت التربية مهمة خطيرة في حياة الفرد والأسرة.
[] وسائل بناء الأفراد:
ـ حضور مجالس العلم والحلقات التربوية.
ـ أن يجعل كل فرد لنفسه وردًا يوميًّا.
ـ المشاركة في الأعمال الدعوية والأنشطة التنموية المفيدة.
ـ التردد على العبادات الجماعية.
ـ تبادل الحوارات، والمناقشات مع من يثق فيهم لإكتساب قيم، ومهارات دعوية.
ـ الحرص على التربية الذاتية بالاطلاع على الكتب التربوية الدعوية وحضور والمحاضرات الدينية.
ـ الحرص على الارتقاء في كل المجالات، والتميز في تخصصه.
فالفرد المسلم القدوة تتكون منه الأسرة المسلمة، والأسرة هي المحضن، والمؤسسة التي ينشأ فيها الطفل بل هي أهم المؤسسات في حياة المسلمين عامة، وفي المنهج الإسلامي خاصة، ولذلك فإننا نرى حينما حدد الإمام البنا الهدف العظيم الذي ننشده، وهو التمكين لدين الله بإقامة دولة الإسلام العالمية حدد أيضًا وسائل البناء، ومراحله، ومنها الفرد المسلم، والبيت المسلم، والمجتمع المسلم، والحكومة الإسلامية.
[] وسائل تربية الأسرة:
= إعداد زوجة وزوج إعدادًا شاملاً متكاملاً بحيث يلم بكل أمور الحياة، وما تحتاجه الأسرة المسلمة.
= تقوى الله شعار كلٍّ من الزوجين، وفهم الزواج على إنه وسيلة نتقرب بها لله تعالى وليس غاية.
= قناعة كل من الزوجين بأن الأسرة المسلمة القدوة هي المرتبة الثانية من مراتب الدعوة إذا صلحت صلح المجتمع.
= ضبط مناخ البيت بحيث يقوم كل منهما بواجبه نحو الأسرة.
= المشاركة في أعمال الخير مثل تقديم خدمات للأهل والجيران.
= إحياء المناسبات الدينية ودعوة الأقارب والأصحاب.
= سد الأبواب التي تسوق الأسرة إلى البعد عن الله وإستبدالها بما يقرب إلى الله -طرح البديل.
= حضور الحفلات الإسلامية، والرحلات كل هذه الوسائل تنهض بالأسرة، وتجعلها مهيأة كمحضن تربوي للأبناء.
= وبهذا البناء الجيد للفرد، وللأسرة يتوفر المناخ التربوي الذي ينمو فيه الطفل.
وبعد إخواني الآباء.. أخواتي الأمهات.. منْ هو الأب القدوة والأم القدوة؟..
¤ الأب القدوة:
•= أن يستشعر مسئوليته العظيمة تجاه أسرته.. يقول الشاعر:
لست أرى اليتيم من تركاه أبواه ذليلاً *** إن اليتيم من ترى له أمًّا تخلت أو أبًا مشغولاً
•= أن يكون قدوة حسنة لزوجته وأولاده من حيث تمسكه بتعاليم الإسلام في كل شيء، فذلك خير له ويجعله أقوى تأثيرًا عند توجيه أولاده، لأن تقصيره يفقد صلاحيته للتوجيه.
•= حسن معاملة الزوجة لتوفير الإستقرار النفسي، والذي ينعكس على البناء.
•= المشاركة في تربية الأبناء حتى لو كان مشغولاً بالدعوة، أو العمل المهني.
•= الحرص على إدخال البهجة، والسرور على أهل البيت، وتوفير ألوان من الترويح حتى لا يلجأ الأولاد إلى مجالات آثمة.
•= الحوارات والمناقشات الجميلة مع أفراد الأسرة، كلٌّ بما يناسبه بحيث يتوفر جو الود والترابط الأسري.
•= إحترام آراء الأولاد والإصغاء إلى أسئلتهم باهتمام، وإشراكهم في اتخاذ القرار فيما يخص شئون الأسرة.
•= أن يكون مبتسمًا فالإبتسامة من صفات أهل الجنة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ*ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ} [عبس:38-39].
•= أن يكون يقظًا لخصائص كل مرحلة سنية، ومتطلباتها فإذا هو كداعية يتقن فن غزو القلوب، فأولى به أن يتقرب لأولاده، ويتحدث معهم فيجمع بين إثارة الوجدان، وإقناع العقول فيثمر الحديث معهم.
¤ الأم القدوة:
◄ أن تؤمن بدورها المهم وأثرها الفعال في جو الأسرة، وأنها بسلوكها وحكمتها تجعل من بيتها جنةً لزوجها، وأولادها.
◄ أن تتعرف بدقة واجباتها نحو زوجها، وأولادها فتؤدي دورها متعبدةً لله وطمعًا في ثوابه.
◄ تشجع زوجها للقيام بواجبه الدعوي من عمل، وتضحية فلا تشغله بتربية الأولاد، ولكن مهم أن تستشيره فيما يخص الأبناء حتى لا يكون بعيدًا عن أخبارهم.
◄ تحسن إختيار معارفها وصديقاتها من النساء الصالحات، فتكون قدوةً لهن ولتوفر نقاء جو البيت لأبنائها.
◄ أن تتحرى الحلال في كل ما يحتاجه البيت، وتلتزم بإتباع سنن الرسول صلى الله عليه وسلم في كل شيء.
◄ أن تكون منظمةً في شئونها تحسن إدارة البيت والوقت ليتوفر لديها وقت تتحاور وتلعب مع أولادها.
◄ لديها قدرة لأن تعطي كل ذي حق حقه بتوازن دون أن يطغى جانب على الآخر، فلا تخرج لأداء واجبها الدعوي، وتهمل أولادها، وحقوق زوجها، أو تقصر في أداء العبادات.
◄ أن تكون ذات عاطفة وحنان فيشعر بها كل أفراد الأسرة، وكأنها تخصه بالحب، والحنان فتصل إلى قلوبهم فيشتاقون لحوارها.
إنني أتصور لو سجلنا الحوار اليومي لمعظم الأمهات مع أبنائهن لوجدنا معظمها عبارة عن توجيهات، وتعليمات، وأوامر مع إهانات وتهديدات.
فالأسرة هي المحضن التربوي الذي يحتضن هذه الفطرة فينميها، ويرعاها، ولذلك جعل الإسلام من حق الجنين على أبويه أن يحسن كل منهما إختيارًا للآخر فإذا وُجد الأب القدوة والأم القدوة يبقى أن نتعرف على أسس وأصول تربية الأولاد.. فإلى لقاء قادم إن شاء الله.
الكاتب: الدكتورة وفاء مشهور.
المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.